Vers Plus D'idées

Vers Plus D'idées

Towards more ideas - إلى مزيد من الأفكار


مشروع تنموي وطني : ملامح استراتيجية وطنية للإنخراط التلقائي للمواطنين في تنميتهم وتنمية بلدهم

Publié par Vers Plus d'idées sur 11 Janvier 2015, 11:33am

Catégories : #AfkarMaghribia - أفكار مغربية, #Vers Plus D'idées, #نحو مزيد من الأفكار

محمد شرقاوي ـ المغرب ـ اختصاصي في المبادرات وحلول المشاكل وعضو مؤسس ومدير المشروع العالمي التربية والصحة

الدعم المادي للأسر الهشة لا يمكن إلا أن نصفق له ونشجعه لأنه يروم إلى مساعدة هاته الفائة من المواطنين ماديا كل شهر. فهل الدعم المباشر ل 300 ألف أرملة بالطريقة التي تود الحكومة إنزالها سيمكنهم من تحسين وضعيتهم المادية وجعلهم أكثر تحصينا من الأزمات المادية التي يمكن أن تصادف مسيرتهم ومسيرة أفراد أسرتهم على المدى القريب والمتوسط و البعيد؟

الجواب بكل بساطة هو لا وألف لا. لماذا إذن هذا الجواب في حق هذه المبادرة النبيلة؟

إن دعم 300 ألف أرملة بمبلغ 450 درهم شهريا لكل طفل يبقى منحة لم يتم التفكير لها على المدى المتوسط و البعيد، فمبلغ 350 درهم سنة 2015 لن تبقى له نفس القيمة في المستقبل القريب، بحيث ستصبح قيمته سنة 2030 لا تتجاوز 50 درهم. فهل تم التفكير في هذا الجانب أم تم تركه إلى حين يستعصي حله كما حصل بالضبط مع صندوق المقاصة ؟ هل فعلا هذه المبادرة تروم إلى جعل هاته الفائة من النساء أكثر أمانا من تقلبات الحياة التي أصبحت لا ترحم أحدا كان من الأسر الفقيرة أو المتوسطة.

ألم يكن أجدى بالحكومة أن تفكر في وسيلة لجعلهم يحلمون ويخططون لحياة أفضل لهم ولأبنائهم، عوض إحصاءهم ومنحهم أجرة شهرية دون إعطائهم أدنى فرصة للانخراط في جعل بلدنا أكثر استقرارا سياسيا واقتصاديا.

إن أي انخراط للمواطن في السياسات العمومية لن يتأتى إلا إذا فكرت الحكومة في حلول تجعله ينخرط تلقائيا لما لانخراطه من انعكاسات ايجابية على حياته وحياة من يحيطون به.

إن دعم 300 ألف أرملة بمنحة شهرية وبالطريقة التي ستتم بها ماهو إلا تصدير لأزمة أخرى ستعيشها الحكومات في المستقبل، بحيث يمكن للعدد الكبير للأرامل من تأسيس جمعية والمطالبة بالزيادة في المنحة لأنها حسب بلاغ الحكومة غير واضحة المعالم، بالإضافة إلى كونها تشترط أن يكون لدى الأرملة أطفال. وماذا عن الأرملة التي ليس لديها أطفال أو سيصبح أطفالها كبار متزوجين أو عاطلين عن العمل، هل ستجد نفسها بدون أجرة؟ وماذا سيكون مصيرها حينما ستصبح عجوزا؟

أسئلة كان ولابد من إيجاد أجوبة لها قبل تبشير الأرامل بهذه المبادرة النبيلة التي سيكون لها مفعول ايجابي على تحسين مزاج الأرامل فقط في الشهور الأولى ولكن مع مرور الأيام وارتفاع الأسعار ستصبح كأية أجرة مضمونة لا تكفي لسد حاجياتهم وبالتالي فتح باب المطالبة بالزيادات. فلماذا لم تهتم الحكومة بملامح الإستراتيجية التي اقترحناها عليهم للدعم المادي الأسري، إستراتيجية مجانية تجمع مابين الدعم والتشغيل الذاتي والتنمية البشرية والإقتصادية؟ هل لهذا الحد نستهين بالدور الفعال لانخراط المواطنين في التنمية البشرية والإقتصادية. فالمواطن الذي ينخرط بكل تلقائية ويحب الخير لنفسه وللآخر ولبلده يعيش في استقرار مادي ونفسي وبالتالي تزيد إنتاجيته وهو ما يجعل بلدنا أكثر نموا واستقرارا.

اقتراحاتنا تظهر بسيطة بالنسبة للبعض ولكن بساطتها تجعل نتائجها تبهر كل من انخرط فيها. فحينما اقترحت على الحكومة أن تقتطع مبلغ 20 درهم من مبلغ 350 درهم، الذي تود من خلاله دعم كل أرملة حسب عدد الأطفال التي تعولهم، غايته جعلهم ينخرطون في مشروع مجتمعي يفيدهم ويفيد المجتمع برمته، بحيث يتحول الدعم المباشر إلى آلية ذكية لتحسين معيشة حياة الأرامل عوض جعلهم يرتبطون بمنحة شهرية لا تكفيهم حتى في الأكل و الشرب. فانخراطهم في مشروع مجتمعي يصب في مصلحتهم بالدرجة الأولى وتنمية بلدهم بالدرجة الثانية لا يمكن إلا أن يحفزهم ويجعلهم يفكرون ويبادرون باقتراح مشاريع صغيرة وبسيطة تمول من طرف هذا المشروع حسب القرعة التي تفرز شهريا عدد الأرامل التي تقدمت بطلبات تمويل مشاريعهم.

عشرون درهم شهريا تقتطع من مبلغ 350 درهم عن كل طفل ستمكن من توفير مبلغ متوسط شهريا يقدر ب 12 مليون درهم، مبلغ سيمكن 400 أرملة شهريا من الاستفادة لكل واحدة منها من مبلغ متوسط يقدر ب 30000 درهم لإنشاء مشروع، في سنة واحدة ستتمكن الدولة من التشغيل الذاتي ل 4800 أرملة وفي عشر سنوات ستتمكن من تشغيل أكثر من 48 ألف أرملة.

هذا المشروع المجتمعي التضامني المصغر يمكن تطبيقه على الصعيد الوطني كما أشرت إليه في مقال سابق بعنوان " ملامح إستراتيجية لجعل الدعم المباشر للأسر الفقيرة والهشة أكثر فعالية " والذي تطرقت من خلاله إلى كيفية تحسين المستوى المعيشي للأسر الفقيرة والهشة، تحصين الأسر المتوسطة من الأزمات المادية التي يمكن أن تهوي بها إلى مستوى الأسر الفقيرة وبالتالي تصبح عرضة للضياع، بالإضافة إلى تشجيع الشباب على التشغيل الذاتي و تقديم المساعدات المباشرة للمقاولين الصغار جدا الذين لايجدون من يساعدهم ماديا لتجاوز أزماتهم الغير المتوقعة.

كل هذه الإشكاليات ترتبط ببعضها البعض. فكم من موظف متزوج يصنف في الطبقة الوسطى يجد نفسه يصارع المصاريف اليومية، بعدما تم طرده من عمله، كأي أب أسرة فقيرة دون أن يجد من يلجأ إليه لمساندته ماديا حتى يتجاوز محنته التي عصفت به دون إنذار مسبق. كم من امرأة كانت تعيش حياة سعيدة وكريمة فتوفي زوجها أو طلقها لتجد نفسها وجها لوجه مع أمواج الحياة التي لا ترحم. كم من أسرة كافحت لكي تدرس أبناءها وفي الأخير وجدتهم بجانبها بدون عمل لا يجدون جهة يلجئون إليها لتأسيس مشاريعهم، وكم من مقاول كان يملك مشاريع بالملايير وفي رمشة عين وجد نفسه في مستشفى الأمراض العقلية لقوة الصعقة..ما يمكن استخلاصه هو أن لا أحد يمكنه أن يسلم من عواقب الحياة، كلنا يمكن أن نتعرض لأزمات غير متوقعة قد تهوي بنا داخل مستنقع يصعب الخروج منه.

فمساهمة بسيطة تلقائية من أفراد الأسر الفقيرة والمتوسطة بمبلغ 20 درهم شهريا، سيجعل المبلغ المتوسط الذي يمكن أن يساهم به الفرد (الفرد الذي ينتمي إلى الأسر الهشة لن يساهم بأي درهم إلا إذا كان من بين الأسر التي يتم دعمها من طرف الدولة) يقدر ب 60 درهم شهريا، إضافة إلى مساهمة الشركات والمؤسسات الوطنية والدولية. كل هاته المساهمات ستجعل من مداخيل المشروع تصل إلى أكثر من مليار درهم في الشهر وهو ما سيمكن من مساعدة أكثر من 20 ألف مواطن شهريا بمبلغ متوسط يصل إلى 67000 درهم أي ما يفوق 20 ألف مشروع يؤسس في الشهر في إطار التشغيل الذاتي.

في سنة واحدة يمكن لهذا المشروع التضامني التنموي من خلق أكثر 200 ألف مشروع صغير في السنة، وإذا افترضنا أن كل حامل مشروع يشغل واحدا معه فإن المشروع سيمكن من التشغيل الذاتي ل 400 ألف عاطل في السنة.

أريد فقط الإشارة على أن الأرقام التي أشرت إليها أعلاه استعملتها فقط لتوضيح قوة المشروع، فإذا ما تمت دراسته من طرف هيئة مختصة و متوفرة على إحصائيات دقيقة ولها دراية بالتمويلات التي يمكن أن يحصل عليها الصندوق من طرف الصناديق الأخرى التي تساهم في التماسك الاجتماعي سنحصل على أرقام أكثر دقة و مداخيل جديدة تجعل عدد المستفيدين من المساعدات المادية يفوق بكثير 200 ألف مستفيد في السنة. مساعدات مادية تجعل كل منخرط في المشروع أن يتقدم بطلب مادي وهو مرفوع الرأس لأنه هو الآخر يساهم شهريا في إنجاح هذا المشروع. مبادرة وطنية تجعله ينخرط بطريقة ذكية في تنميته وتنمية بلاده. وهو ما سيجعل بلادنا تصبح أكثر قوة اقتصاديا، سياسيا و اجتماعيا

أتمنى من خلال هذا المقال أن تتضح الرؤية للحكومة لوضع إستراتيجية وطنية شاملة لتسهيل انخراط المواطنين كيفما كان مستواهم المعيشي في تنمية بلدهم.

بقلم محمد شرقاوي

اختصاصي في المبادرات وحلول المشاكل

هذا المقال تم نشره بجريدة "أخبار اليوم" تحت عنوان " نحو التشغيل الذاتي ل 400 ألف عاطل في السنة

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article

Articles récents